القائمة الرئيسية

الصفحات



 مبدأ عدم رجعية القانون الضريبي


عدم رجعية القانون الضريبي

 

القاعدة العامة أن التشريع الجديد يسري على التصرفات والوقائع التي تقع بعد صدوره إلى غاية إلغائه. ومن هنا يتضح أن القانون الجديد إذا كان يسري من وقت نفاده مباشرة. فالأصل لا يمتد إلى ما قبل هذا الوقت حتى لا يطبق على الماضي أي حتى لا يكون للقانون مفعول رجعي.
وهذا ما يصطلح عليه بمبدأ عدم رجعية القوانين والذي يعد من المبادئ الأساسية في التشريعات الحديثة فقد نص عليه القانون المدني الفرنسي في الفصل الثاني " لا يحكم القانون إلا بالنسبة إلى المستقبل فليس له أثر رجعي".
كما نص عليه الدستور المغربي في الفقرة الأخيرة من الفصل السادس والتي جاء فيها" ليس للقانون اثر رجعي".
ويلاحظ أن عبارة ليست للقانون، أثر رجعي وردت على سبيل العموم، أي أن هذا المبدأ يسري على جميع القوانين دون استثناء بما فيها قوانين المالية والقوانين الضريبية ولعل هذا ما استقر عليه بعض الفقهاء .
ومؤدى مبدأ عدم رجعية القوانين الجبائية، يقصد به أن القانون الضريبي الجديد يسرى من تاريخ نفاده بنشره في الجريدة الرسمية، أو بانتهاء الميعاد المحدد للنفاد بعد النشر ولا يجوز أن تنسحب أحكامه على الوقائع والروابط القانونية التي سبقت ذلك التاريخ
بالإضافة إلى أن تطبيق القانون على الوقائع رتبت آثارها وفقا أحكام قديمة من شأنه المساس بحقوق ومصالح الافراد، وهو ما عمل عليه المشرع المغربي جاهدا لحماية الحقوق المكتسبة للملزمين بالضريبة ضد أي تدخل تشريعي قد يمس بمصالحهم كما يهدف إلى حماية استقرار المعاملات وتوفير الثقة بين الملزم بالضريبة والادارة الضريبية . وهو ما جعل دستور 2011 في فصله السادس يؤكد على هذا المبدأ باعتباره الأصل الطبيعي من حيث عدم جواز انعطاف أثر القوانين على الماضي.
 وهذا المبدأ طبقه الرومان مند القدم في الكثير من الحالات، وإن لم يقوما بصياغته على شكل قاعدة عامة وعندما جاء قانون نابليون عام 1804 نص في مادته الثانية على مبدأ عدم الرجعية . 
ولكن بالرجوع إلى الشريعة الاسلامية نجدها قد سبقت هذه الاعلانات والقوانين. وكرست قاعدة عدم الرجعية، وذلك من خلال ما استنتجه الفقهاء، من قوله تعالى:" وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" .
 كما تم إقرار هذا المبدأ في المغرب من خلال العهد الملكي الصادر 2 يونيو 1962 غير أنه بعد دخول المغرب التجربة الدستورية، تبنى هذا المبدأ لأول مرة في دستور 1962. انطلاقا من الفصل الرابع وهو ما كرسته جميع الدساتير اللاحقة.
وإذا كان المبدأ هو عدم رجعية القوانين الجبائية فإنه يظل غير مطلق وترد عليه مجموعة الاستثناءات من بينها القانون الجبائي، وذلك نظرا لخصوصية هذا القانون من جهة ولعلاقته بالقوانين المالية من جهة اخرى، بحيث إن القوانين المالية عندما تغير أسعار بعض الضرائب مثلا، فإن هذه الأسعار تطبق بأثر رجعي منذ بداية السنة المالية التي وقع فيها التعديل، إضافة غلى القوانين الجبائية التفسيرية التي تطبق هي الأخرى بأثر رجعي ومما لا شك فيه أن لموضوع عدم رجعية القانون الجبائي أهمية بالغة سواء على المستوى النظري أو العملي
فالأهمية الأولى تتجلى من خلال الاقرار التشريعي لمبدأ عدم رجعية القوانين في المادة الضريبية، باعتباره مبدأ أساسيا لضمان الأمن القانون والعدالة الضريبية. 
أما على المستوى العملي فتتمثل في انعكاسات هذا الاقرار على الواقع العملي. من خلال تكريس مبدأ عدم رجعة القوانين والاختلالات التي يعرفها في ظل الخروج على هذا المبدأ في القانون الجبائي والأسباب والمبررات الكامنة وراء جعل المشرع أو القاضي الإداري يقر بضرورة تطبيق النص الضريبي بأثر رجعي، رغم أنه منافي لمبدأ دستوري قائم.
وبناء على ما سبق يمكن بسط الاشكالية التالية: إلى أي حد استطاع المشرع المغربي تطبيق قاعدة عدم رجعية القوانين في المادة الضريبية والاستثناءات التي ترد عليها؟ 
للإجابة عن هذه الإشكالية سوف نعتمد على المنهج التحليلي، وفق التصميم التالي:
المبحث الأول: مظاهر عدم الرجعية في التشريعات الضريبية.
المبحث الثاني: محدودية عدم الرجعية في المادة الضريبية.

المبحث الأول: مظاهر عدم الرجعية في التشريعات الضريبية.

سنتحدث في هذا المبحث عدم رجعية القوانين كمبدأ دستوري( المطلب الأول)على أن نخصص ( المطلب الثاني ) للحديث عن عدم رجعية القوانين التفسيرية الضريبية.

المطلب الاول: عدم رجعية القوانين كمبدأ دستوري

يعتبر مبدأ عدم الرجعية من المبادئ الدستورية الهامة التي كفلها المشرع لحماية الأفراد ضد أي تدخل تشريعي قد يمس مصالحهم.
ويقصد به عدم سريان حكم القانون على الوقائع والتصرفات واتارها التي تمت قبل نفاده، وهو مبدأ تسنده تلات حجج هي المنطق والعمل والمصلحة بحيث ان القانون يبدأ من تاريخ لاحق على صدوره لا من تاريخ سابق .
ومن خلال المادة 6 من الدستور المغربي منع المشرع رجعية القوانين، اسوة بالقانون المدني الفرنسي الدي نص في مادته الثانية على عدم الرجعية، وكدلك المادة 8 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان .
ويلاحظ من خلال الفصل السادس من الدستور ان عبارة "ليس للقانون أثر رجعي" وردت على سبيل العموم، أي أن مبدأ عدم رجعية القوانين يسرو على جميع القوانين بما فيها القانون المالي والقوانين الضريبية .
وتتميز القوانين الضريبية بخاصية عدم الاستقرار من حيت الزمان، وكما هو معلوم ان الاقتطاع الضريبي يمر بمراحل عديدة تبدأ بتحقق الوعاء الخاضع للضريبة وتحديد مقداره، تم اتخاد الإجراءات اللازمة لتحصيلها ، وغالبا ما يتطلب دلك فترة زمنية ليست بالقصيرة، مما يعني انها قد لا تحدت في ظل القانون الضريبي الواحد .
وعلى اعتبار أن عدم رجعية القوانين هو الأصل في حل مشكلة تنازع القوانين من حيت الزمان ،فالمنطق يقتضي بألا يطبق القانون الا بعد نشره في الجريدة الرسمية ومن تم يصبح نافدا وملزما .
وقد استقر القضاء على أنه ليس للقانون الجبائي اتر رجعي، لأن من غايات القانون توفير الاطمئنان على أساس قواعد قانونية معلومات مسبقا، ولا يمكن مفاجئة المتعاملين بقانون ضريبي لم يكن ساري سابقا .
وفي هذا الإطار جاء في قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض مايلي " لكن حيت ان تطبيق سعر ضريبي أحدته قانون جديد على ضريبة تحقق سبب فرضها قبل دلك القانون هو تطبيق له بأثر رجعي وبصرف النظر على أن من حق الملزم في حالة زيادة سعر الضريبة أن لا يواجه بما لم يكن مفروضا عند تحقق سبب فرض تلك الضريبة فإن قاعدة عدم رجعية القانون هي قاعدة عامة وضعها الفصل 4 من الدستور فلا يجوز للقانون نفسه ان يخالفها .
وادا كانت القاعدة هي عدم رجعية القانون الضريبي ،فإن هده القاعدة ترد عليها استتناءات ،وهو ما أكده المجلس الدستوري في القرار رقم 2001_467 بأن مبدأ عدم رجعية القوانين ترد عليها استتناءات وجاء فيه " لكن حيت  أن مبدأ رجعية القانون المنصوص عليه في الفصل4 لا يشكل قاعدة مطلقة اد ترد عليه استتناءات تقوم بخصوص قانون  المالية على معيار يبررها يستند إليه المشرع في اصلاح أوضاع غير عادية محددة من قبل الإدارة وتهدف الى الصالح العام .
بهدا بات الفقه الفرنسي يلاحظ أن التدخلات التشريعية الرجعية عملة رائجة في المادة الجبائية، غير أنه في فرنسا يلاحظ أنه مادام مبدأ عدم الرجعية وارد في القانون المدني وليس في نصوص الدستور، فإن المبدأ ليست له إلا قيمة القانون ،فهو توصية شكلية وجهها المشرع الى المشرع المستقبلي، وبالتي يمكن ان يقدر هدا الاخير الظروف الخاصة التي يمكن أن تبرر خروجه عن المادة 2 من القانون المدني، وبالتالي يمكن ان يكون رجعيا في فرنسا ولا وجود لمبدأ ذو طبيعة أو قيمة دستورية يمكن ان يمنع الرجعية .
وصدر قرار عن مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 9 ماي 2012 ان القانون الجبائي يمكن ان يعتبر رجعيا شرط ترتيبه توازن سلب بين المساس بحقوق الإنسان والمبررات المتصلة بالمصلحة العامة التي يمكن أن تبرره .
: وقد استقر القضاء الدستوري الفرنسي على مجموعة  من الضوابط للسماح برجعية القوانين الضريبية والتي حاول القضاء الدستوري المغربي تبنيها رغم ضعف التبرير ومنها :
-أن يكون القانون الصادر بأثر رجعي يرمي إلى تحقيق مصلحة عامة
-مراعاة القرارات القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به 
-عدم مخالفة مبدأ عدم رجعية المقتضيات ذات الطابع الجزائي  وإجراءات التقادم
-عدم المساس بحق الملكية 
والملاحظ هنا أنه عندما قضى المجلس الدستوري الفرنسي برجعية القوانين المفسرة في المجال الضريبي فقد اقتصر على هذا النوع دون التوسع في باقي المواضيع كالاعفاء من الضرائب والرسوم أو فرضها .
لكن بعد سنة 2013 دشن القضاء الدستوري الفرنسي مرحلة جديدة في رقابته على القوانين الضريبية ،خصوصا بعد السماح بالطعن في دستورية هذه القوانين في فرنسا ، بحيث اعتبر أن المس بحقوق الأشخاص جراء رجعية القوانين الضريبية يجب أن يعلل من قبل المشرع بشكل ضروري وشافي للمصلحة العامة .
وقد ذهب القضاء الإدارى المغربي على أنه ليس للقانون اثر رجعي ،عكس ما ذهب إليه القضاء الإدارى المقارن حيث لعبت المحاكم الإدارية دورا مهما في تطبيق هذا المبدأ من خلال كبح جماح الإدارة الضريبية في كل قرار تتخذه خرقا لهذا المبدأ، وهو ما كرسته المحكمة الإدارية بمكناس بأن ألغت اعلاما ضريبيا موضوعه تطبيق القانون بأثر رجعي ،وجاء فيه "وحيث يتضح من وثائق الملف أن المدعين قد حصلا على رخصة البناء بتاريخ 11/5 /1987 وذلك في إطار مشروع التنمية العقارية يهدف إلى إنجاز عمارة للسكن حسبما هو ثابت من وثائق الملف لذلك فهما يستفيدان  من الإعفاء المنصوص عليه في الفصل الرابع من قانون 15/85 المؤرخ 4/5/1988 في فصله الثاني الذي قد تراجع نسبيا عن الإعفاء الكلي من الضريبة المهنية والضريبة على الأرباح المهنية، فإن ذلك التراجع لا يمكن ان ينسحب على الوقائع التي نشأت في ظل القانون القديم تطبيقا لمبدأ عدم رجعية القوانين


المطلب الثاني: عدم رجعية القوانين التفسيرية الضريبية.

ان الأصل هو عدم رجعية النصوص التفسيرية الضريبية، الا انه قد تستدعي الضرورة ان يتم تفسيرها من اجل إزالة الغموض عنها، دلك لان التفسير الضريبي يرتبط بمواضيع ذات أهمية في نطاق فرض الضريبة، حيث يمثل تفسيره ضرورة ملحة لتقريب نصوصه من الواقع المستجد على الدوام، سيما وأن ثلث النصوص تستمر فترة طويلة نسبيا دون إجراء عليها أي تعديل، وقد يقوم بهذه التفسيرات إما المشرع، أو القاضي الإداري، أو الإدارة الضريبة.
أولا: التفسيرات المعتمدة من قبل المشرع 
يعتبر التشريع الضريبي من ضمن الاختصاصات الحصرية للبرلمان وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 39 من دستور الذي جاء على الجميع أن يتحمل كل على قد استطاعته التكاليف للعمومية التي للقانون وحده احداثها او توزيعها وفق الإجراءات المنصوص عليها في الدستور.
لكن عندما يصدر المشرع قانونا معينا قد يكتنف هذا التشريع بعض الغموض أو الابهام أو النقص أو خطأ مادي أو معنوي أو تناقض، فإننا هنا نكون بحاجة إلى إصدار نص قانونيا ثانيا مفسرا للقانون الأول.
ويعتبر القانون الضريبي التفسيري بمنزلة القانون الضريبي الأصلي وجزءا منه، ويجب إتباعه في جميع القضايا التي يطبق فيها القانون الأول.
وأمام جعل المشرع المغربي مبدأ عدم الرجعية مبدأ دستوريا فإن الأثار الرجعي للقوانين التفسيرية تثير جدلا فقهيا وقانونيا.
فيرى اتجاه في معرض تفسيره للقانون الضريبي بضرورة التقيد بلفظ القانون فلا يجوز الاجتهاد عند تفسيره خصوصا إذا كان القانون واضحا ولا حاجة للاستعانة بعوامل خارجية لتفسيره وأساس هذا الأسلوب في التفسير هو أن القانون الضريبي استثناء وقيد على حرية الافراد، ومن ثم فإذا أثير الشك حول تطبيق أحكام القانون الضريبي فإنه يفسر لمصلحة المكلف تأكيدا لوضع القانون كاستثناء وتطبيقا لقاعدة  الشك يفسر لمصلحة المدين .
و اتجاه  أخر يرى أنه ينبغي أن يفسر كما يفسر غيره من القوانين وذلك مع مراعاة المبادئ التي يقوم عليها القانون الضريبي ، كقاعدة لا ضريبة إلا بنص، وعدم مد الضريبة إلى واقعة غير تلك التي فرضة عليها، فالتفسير يجب أن يكون على أساس موضوعي لأنه وسيلة لا غاية، وتتجلى هده الاخيرة في الكشف عن إرادة المشرع في تطبيق القانون بطريقة سليمة دون تحيز للضريبة أو الجور عليها ، ويؤيد الفقه والقضاء هذا الاتجاه الأخير فينتج عنه تطبيق القانون عند وضوح النص ويسعى إلى بيان إرادة المشرع عند غموض النص.
ثانيا: التفسيرات المعتمدة من قبل القاضي الضريبي والإدارة الضريبية.
إن التفسير لا يختص به فقط المشرع بل فقط في بعض الأحيان يكون للقضاء تفسير بعض النصوص شريطة ألا يكون يشكل تعسفا في مواجهة المصالح الملزم الضريبي، لذلك نجد القضاء المغربي يتجه نحو مبدأ التفسير الضيق للنصوص الضريبية إعمالا لمبدأ الشرعية الضريبية . وعملا لمقتضيات الفصل 243 من القانون الجنائي يعد مرتكبا للغدر ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة مالية من 5000 إلى 100000درهم كل قاض أو موظف عمومي طلب أو تلقى أو فرض أوامر بتحصيل ما يعلم أنه مستحق أو أنه يتجاوز المستحق سواء للإدارة العامة أو الأفراد الذين يحصل لحسابهم أو لنفسه خاصة
دلك ان التفسير القضائي في بعض الأحيان قد يشوه النص المفسر أو يباعده عن معناه الأصلي لذلك فهو يعتبر خرقا للقواعد العامة 
الا ان القضاء  الإداري له سلطة في مراقبة مدى مطابقة التفسير الإداري للتفسير التشريعي واقتراح تفسير أكثر حماية لحقوق الملزم وكذا تفسير أكثر صرامة 
والسؤال الذي يطرح نفسه في حالة غموض النص القانوني وأصدرت الإدارة الضريبية أحكام تفسيرية التي قد تكون تعسفية على حقوق الملزم فماهي سلطة القضاء في هذا الموقف؟ في هذا الإطار نجد القضاء الفرنسي عند تفسيره لنصوص الضريبية يعمد الى التميز بين الضرائب المباشرة والغير مباشرة  فبالنسبة لضرائب المباشرة ينهج القضاء الفرنسي قاعدة تفسير الواسع، ويستند في ذلك أن إرادة المشرع الضريبي تتمثل في تقدير قاعدة عامة بفرض الضريبة المباشرة على أنواع الدخول المختلفة  ولا يجيز تهرب أي منها بعلة أنه لم يرد فيها نص .
فإرادة المشرع الضريبي الفرنسي هي وضع نظام ضريبي متكامل بشأن ضرائب الدخل وجعل الالتزام بالضريبة قاعدة عامة فحيث لا يستثنى من ضرائب الدخل سوآءا تلك التي ورد بها نص او توخت حكمة المشرع أن يمتد إليها أثار هذا النص وبالتالي يمكن القول حسب القضاء الفرنسي أن القوانين التفسيرية خاضعة لمبدأ الرجعية إذا كان الأمر يتعلق بالضرائب المباشرة اما فيما يخص الضرائب الغير المباشرة فنهج المفسرون المفهوم الضيق للقانون الضريبي على اعتبار أن المشرع الفرنسي بالنسبة لهذا النوع من الضرائب نظم أحداث معينة وجعل الالتزام الضريبي قاصرا عليها فقط وتكون خاضعة لمبدأ عدم رجعية النصوص الضريبة ، أما القضاء اللبناني في إطار تفسيره للنصوص الضريبية يعتمد على قاعدة مفادها أن الأصل هو التفسير الضيق والتطبيق المباشر للنص الضريبي أي عدم رجعية النص الضريبي متى كان واضحا وصريحا حيث لا اجتهاد مع النص، فقد نص مجلس الدولة اللبناني في قراره  أن لامجال للقاضي الضريبي للجوء لتفسير نص صريح وواضح ولامجال للتوسع فيه، أو زيادة حالة جديدة وبالتالي عبئ إضافي لم يلحظه أصلا القانون، لاسيما أن المادة 82 من دستور تنص أنه لا يجوز تعديل الضريبة أو إلغائها بقوة القانون.
وهكذا إذا كان النص صريحا وواضحا فإنه لامجال للتفسير وبالتالي لا يكون خاضعا لمبدأ عدم الرجعية أما إذا اكتنف النص الضريبي بعض الغموض أو الابهام يجب أن يتم تفسيره حيث أكد مجلس الشورى اللبناني في قرار  بإمكان القاضي ان يلجأ بطريقة التوسع أو بطريقة القياس في حالة وجود نصوص قانونية غامضة أو أحكام متناقضة وأيضا حالة عدم شمول بعض النشاطات أو القضايا والأعمال عن نطاق القانون الضريبي لمعرفة إذا كانت تخضع لضريبة نظرا لتشابه بينها وبين الذين يخضعونه لتلك الضريبة ، كما يلجأ القاضي الضريبي إلى تفسير نية المشرع عندما يترك التشريع قضايا خارج عن نطاقه الصرفي بينما كانت إرادته وضع نظام ضريبي شامل يخضع بموجبه جميع الأعمال والنشاطان والقضايا والأشخاص لأحكام، وهكذا إذا كان التفسير يتعلق بنص قانوني يعتريه غموض أو تناقض أو عدم شمول بعض الأشخاص والنشاطات والقضايا والأعمال فإنها لا تكون خاضعة لمبدأ عدم الرجعية ويمكن تفسيرها بأثر رجعي.
فيما يتعلق بالإدارة الضريبية فإن مفتش الضريبة يفرض الضريبة انطلاقا من المعلومات المتوفرة لديه وهو يعلم مسبقا أن ذلك الفرض يمكن أن يكون موضوع طعن أمام اللجن المحلية للتقييم ثم الوطنية مثلما يعلم أنه في حالة عدلت إحدى اللجن المذكورة من الأساس الضريبي فسوف يضطر إلى تعديل الفرض الضريبي ويبقى للملزم الذي سبق أن أدى مبالغ أكثر من الف رض النهائي أن يطلب استرجاع الزائد، هكذا فإن تفسيرات الإدارية في المجال ضريبي تشكل مصدر مهم لتفسر القانون الضريبي خاصة وأن الإدارة هي الوحيدة التي من شأنها إصدار دوريات بعد القانون المالي 


 المبحث الثاني: محدودية عدم الرجعية في المادة الضريبية.

يعتبر مبدا " عدم الرجعية من المبادئ الدستورية الهامة"، التي كفلها المشرع لحماية الافراد ضد أي تدخل تشريعي قد يمس مصالحهم، ويقصد به عدم سريان حكم القانون على الوقائع والتصرفات واثارها التي تمت قبل نفاده.
وليس من المستغرب ان نجد مثل هذا المبدأ يحكم القانون الضريبي الذي فيه من الأحوال والاعتبارات ما يجعل تطبيقه عليه ينال الأولية والاسبقية، وتتميز القوانين الضريبية بخاصية عدم الاستقرار من حيث الزمان، ويكاد يتفق فقها وتشريعا على ان احكام القانون الضريبي تناول اقتطاع جزء من أموال الشخص وتوريدها للخزينة العامة، حيث يمر هذا الاقتطاع بعدة مراحل من الوعاء الخاضع للضريبة وتحديد مقدار الضريبة تم التحصيل.
ومن المسلم به إتمام كل هذه المراحل قد يتطلب في كثير من الضرائب فترة زمنية ليست بالقصيرة، مما يعني انه ليس بالضرورة ان تحدث جميعا في ظل القانون الضريبي القديم بينما لا يكتمل الاخر الا في ظل القانون الجديد.  
تبعا لما سبق سنعالج كل من مبررات الأثر الرجعي في المادة الضريبية (المطلب الأول) على ان نعالج في (المطلب الثاني) مبررات الأثر الرجعي على الامن القانوني.

المطلب الأول: مبررات الأثر الرجعي في المادة الضريبية.

سنعالج في هذا المطلب كل من مبررات النص على رجعية النصوص الضريبية (الفقرة الأولى) على ان نعالج في (الفقرة الثانية) القيود الواردة على تطبيق النصوص الضريبية:
الفقرة الاولى: مبررات النص على رجعية النصوص الضريبية.
 أمام نص الدستور المغربي عدم رجعية القوانين، فإن سلطة المشرع في تقرير الرجعية في المحال الضريبي مفيدة، إلا أنه عملا بمبدأ لكل قاعدة استثناء فإنه يمكن إقرار رجعية بعض النصوص الضريبية بالرغم مما قد يترتب عليه من أثار سلبية تجاه حقوق الملتزم، وذلك نتيجة لما تستجوبه الاشكالية المفروضة على المستوى الواقعي لذلك جاء في قرار صادر عن المحكمة الرباط  " أنه ليس للقوانين الجبائية مبدئيا أي أثر رجعي مالم يوجد نص تشريعي صريح"، وهكذا نجد أن منح إمكانية اقرار رجعية النص بموجب نص قانوني صريح عن المشرع أي أنه بالرغم من النص على عدم رجعية القوانين كمبدأ عام إلا أنه استثناء لذلك يمكن اقرار رجعية أو إصدار نص تشريعي من يؤكد هذه الامكانية.
وقد جاء في قرار  أخر صادر عن المجلس الدستوري "لكن حيث أن مبدأ عدم رجعية القانون المنصوص عليه في الفصل الرابع من الدستور لا يشكل قاعدة مطلقة أو ترد عليه استثناءات تقوم بخصوص  قانون المالية على معيار يبررها يسند إليها المشرع في اصلاح الأوضاع غير العادية محدودة من طرف الإدارة وتهدف الى المصالح العام".
من خلال هذا القرار يتضح أن المجلس الدستوري يقر إمكانية النص على رجعيته في بعض النصوص القانونية خاصة المتعلقة بقانون المالية إذا كان ذلك من شأنه تحقيق المصلحة العامة وتماشيا مع ما تم فإن من أبرز المبررات التي تعطي إمكانية أمكانية إحداث النصوص القانونية بأثر رجعي.
المصلحة العامة هي الحالة التي يكون فيها: النص الضريبي صادر عن المشرع والذي سيسري بأثر رجعي في مصلحة كل من الادارة الضريبية والملزم بالضريبة، فإذا تبين أن النص من شأنه أن يؤثر على مصلحة الملزم والادارة الضريبية وجب نته وعدم تطبيقه.
تحقيق العدالة الضريبة: أي أن يتم قرض الضريبة بن المواطنين بأسلوب عادل
- المصلحة العامة هي الحالة التي يكون فيها النص الضريبي صادر عن المشرع وسيسري بأثر رجعي في مصلحة كل من الإدارة الضريبية والملزم بالضريبة وإذا تبين أن المن شأنه يؤثر على مصلحة الملزم والإدارة الضريبية وجب منعه وعدم تطبيقه.
- تحقيق العدالة الضريبية: ان العدالة الضريبية هي صفة من الصفات التي تتميز بها الضريبة حيث تساهم في توزيع الضرائب بين المواطنين بأسلوب عادل.
كما أنها تعرف بكونها مساهمة مالية مترتبة على الأشخاص الذين يعشون في مجتمع معين والهدف منها توزيع النفقات العامة بينهم بطريقة عادلة حيث يجب على المشرع أن يراعي الظروف الشخصية والمالية للملزمين للضريبة لذلك من الضروري أن يكون هؤلاء على علم بالتغيرات التي ستطرأ على النصوص القانونية التي تطبق عليهم، ويجب أن تكون هذه التشريعات الضريبية ذات المفعول الرجعي تهدف على الأقل الى الحد من الفوارق الاجتماعية وتكون في صالح الملزم بالضريبة لكي تتحقق الغاية المنشودة ألا وهي العدالة الضريبية.  
- التصدي إلى وضعية خاصية

الفقرة الثانية: القيود الواردة على تطبيق النصوص الضريبية:
تعتبر المشروعية من الاليات التي اقرها الدستور ضمانا لحقوق الملزم وحماية ضد أي قرار تعسفي من شانه المساس بمصالحه المكتسبة، فمن خلال هذا المبدأ يكون من واجب كل سلطة احترام وتطبيق القوانين بشكل سليم.
لذلك فان القاعدة القانونية وفق لمبدأ المشروعية يجب ان تحترم وتسود ما دامت قائمة الى ان يتم الغاؤها او تعديلها بالطريقة المشروعة وهي نفس الطريقة التي أحدثت من قبل. 
ان مبدا المشروعية يقتضي الخضوع للقانون وبالتالي الحيلولة دون صدور تصرفات او قرارات غير مشروعة أي مخالفة للقوانين، ومن هنا كان لزاما على الإدارة الضريبية لما لها من سلطة تجاه الملزم بالضريبة العمل والتصرف في نطاق دائرة القانون, حيث يجب ان تكون جميع تصرفاتها في حدوده. 
لذلك يمكن القول بان مبدا الرجعية هو مبدا دستوري، فان جميع السلطات وجب عليها احترام النص الدستوري والتقيد به، وعدم مخالفته لما ينتج عن ذلك من مساس بالمشروعية القانونية، التي تتطلب ان يكون الملزم على دراية تامة بالقاعدة الضريبية المطبقة على وضعه المالي دون ان يتعرض لخطر تغير القواعد القانونية بأثر رجعي.

الحفاظ على الحقوق المكتسبة:
إن فكرة الحقوق المكتسبة ظهرة لأول مرة على لسان الفقيهtronchet، حيث ذهب إلى القول أن القانون الجديد لا يسري على الحقوق المكتسبة فهذه الأخيرة لا تعتبر أساسا لعدم تطبيق القوانين الجديدة على الأوضاع القديمة، وذلك لأن هدفا من الأهداف الأساسية التي ينبغي تحقيقيها ويجد اصلها هذا الحق في القانون المدني  ، وفي هذا السياق سارت تأويلات المدة 2 من القانون المدني الفرنسي على أن الحقوق المكتسبة هي التي تحدد تطبيق القانون الجديد وكل قانون ينطوي على المساس بهذه الحقوق كما أن البعض يرى أن الحق المكتسب ما هو إلا انعكاس لمعنى عدم جزاز عدم رجعية القوانين فالامتناع عن تطبيق القانون بأثر رجعي لن يمس بالحقوق التي وجدت وقررت بموجب القوانين السابقة وهذا ما جعل المشرع المغربي ينص على مبدأ عدم الرجعية في الدستور كما أكد القضاء في العديد من أحكامه على ضرورة حماية الحق المكتسب في ظل القانون الجبائي وأن أي تراجع في قانون لاحق بشأن هذا الحق لا يمكن أن يؤثر على وضعية الملزم في نطاق القوانين الجاري بها العمل وقت صدورها والتي للمستفيد دين منها وضعية إدارية معينة 
- استقرار المعاملات:
إن المقصود باستقرار المعاملات هو أن تكون الضريبة التي يلزم دفعها من طرف الملزم محددة على سبيل اليقين دون غموض بحيث يكون ميعاد الأداء وطريقته والمبلغ المطلوب دفعه واضحا ومعلوما للملزم وذلك لأن علم الملزم بالنظام الضريبي الذي سيطبق عليه يشكل خطرا على حقوقه الاقتصادية أما كثرة التغيير يؤدي إلى زعزعة الثقة والشك في نية المشرع. 
لهذا نجد أن استقرار المعاملات هو الحكمة من ترسيخ عدم الرجعية فإذا أبيحت هذه الأخيرة كانت مدعاة لبث الفوضى في الحياة الاجتماعية واضطراب المعاملات بدلا من أن تكون وسيلة لحفظ النظام وتوطيد الاستقرار.

المطلب الثاني: مبررات الأثر الرجعي على الأمن القانوني

يقصد بمبدأ الأمن القانوني في المادة الضريبية أن تكون الضريبة محددة ومعلومة وواضحة، بدون غموض، وأن يكون سعرها ووعاؤها وميعاد دفعها وأسلوب تحصيلها، أي كل ما يتعلق بأحكامها التي تنظمها، يجب أن يكون معلوما بصورة مسبقة لدى الملزمين بأدائها.
لذلك سنتطرق في هذا المطلب لأساس هذا المبدأ (الفقرة الأولى) ثم سنعالج مظاهر انعدام هذا المبدأ (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: أساس مبدأ الأمن القانوني
ان مبدأ الأمن القانوني من أهم المبادئ القانونية التي تثار عندما يتعلق الأمر باستقرار القاعدة القانونية وتأثير التعديلات التشريعية المستمرة خاصة في القوانين الضريبية على حقوق ومصالح الملزم.
لذلك نجد أن مبدأ عدم الرجعية يساهم في تحقيق الأمن القانوني للملزم فالمفروض أن يكون هذا الأخير على علم تام بالنظام الجبائي المطبق على العملية التي يباشرها في وقت معين دون أن يقع فيما بعد تعديل هذا النظام بصورة رجعية 
وكما هو معلوم أن قيمة وقوة أي مبدأ تجد مرجعها في قوة مصدره، فهل يعتبر مبدأ الأمن القانوني مبدأ دستوري أم مجرد مبدأ قانوني؟
في ألمانيا تم الحسم في هذه المسألة اذ اعتبرت أن مبدأ الأمن القانوني يعد مبدأ مستقلا في القانون الدستوري الألماني، ولقد اعترفت به المحكمة الأوربية لحقوق الانسان منذ سنة 1981 وذلك من خلال التأكيد على ضرورة التوقع القانوني كمطلب أساسي لأمن القانوني  
بيد أن التشريع المغربي سواء كان أساسيا أو عاديا أو فرعيا، ليس فيه ما يفيد التنصيص صراحة على تبنيه مبدأ الأمن القانوني، لكن عدم ورود الأمن القانوني كمبدأ في الدستور أو القانون، لا يعني بأي حال من الأحوال تنكر المشرع المغربي للمبدأ، بالنظر الى كون أهدافه تقوم على جودة القانون واستقراره ، لذلك نجد المشرع قد تطرق لبعض المفاهيم التي من شأنها المساهمة في تحقيقه ، خاصة عندما نص على مبدأ عدم الرجعية ، بحيث نجد أن الدستور المغربي لسنة 2011 لم ينص صراحة على مبدأ الأمن القانوني لكنه أرسى بعض المبادئ التي من شأنها التأسيس له كالتنصيص على احداث المحكمة الدستورية ، وكذلك مبدأ المساواة.
وبالرجوع الى الفصل 117 من الدستور المغربي نجد أن المشرع المغربي جعل حماية الأمن القانوني من أهم الصلاحيات الملقاة على عاتق القاضي .
أما بالنسبة للنظام الفرنسي فنجد أن هذا المبدأ غائب في النصوص التشريعية والدستورية، فالمجلس الدستوري يرفض الاعتراف صراحة مبدأ الأمن القانوني، ولو أن بعض الباحثين ذهبوا الى القول أن هذا المجلس من خلال ارسائه قاعدة عدم الرجعية، وكذا تبني ضرورة وضوح القاعدة القانونية لتسهيل علم المخاطبين بها، فهو يؤكد بشكل ضمني على احداث نظام لحماية مبدأ الأمن القانوني 
وبالتالي فان عدم الاعتراف بدستورية الأمن القانوني بشكل صريح يجعل منه مبدأ عاما تجتمع فيه عدة حقوق وقواعد لها أبعاد وقيم مختلفة.
وبالرجوع الى النص الضريبي نجد أن مبدأ الأمن القانوني له أهمية كبرى لكونه يخول حماية للملزم في حالة حدوث أي تعديل من شأنه المساس بحقوقه. 
الفقرة الثانية: مظاهر انعدام الأمن القانوني
تتجلى مظاهر انعدام الأمن القانوني في تشتت التشريع الضريبي "أولا" ثم عدم استقرار الاجتهادات القضائية "ثانيا" 
أولا: تشتت التشريع الضريبي
لا شك أن أهم عقبة تحول دون اجتهاد القاضي هي طبيعة البناء التشريعي الجبائي، والذي يعاني من عدة سلبيات تتمثل في كثرة الاحالات والتعديلات المتوالية للنصوص الضريبية بمقتضى القوانين المالية المتلاحقة، الشيء الذي يؤدي الى التطبيق السيء للقانون الضريبي، بحيث نجد كل ضريبة تنظم في قانون مستقل في أحكامه وإجراءاته وأجاله، الأمر الذي ينعكس سلبا على الملزم الذي يجد نفسه أمام مساطر متعددة وآجالات مختلفة  ، وهذا الأمر يشكل اخلالا بالحماية المطلوب توفيرها للملزم، بحيث في أغلب الحالات الإدارة الضريبية تمنح الأولوية لمصالح الخزينة العامة .
على عكس المشرع الفرنسي الذي مكن الملزم من اليات قانونية تهدف الى توفير الحماية اللازمة لمصالحه التي تمسها التعديلات والتغييرات المتوالية فالقانون الضريبي ، ومن أهم هذه الأليات الاستعلام الضريبي ، الذي من خلاله يطلب الملزم من الإدارة الضريبية تمكينه من مجموعة من المعلومات ويقدم لهل بعض التساؤلات ، ويتوجب على الإدارة اجابته ، وذلك من أجل تمكينه من معرفة وضعيته القانونية ، كما أنه في حالة تعديل أو تغيير فان فرض الضرائب الإضافية التي يمكن أن تبررها القواعد الجديدة لا يمكن المطالبة بها ، وهذه القواعد لا يمكن تطبيقها الا في المستقبل .
ثانيا: عدم استقرار الاجتهاد القضائي
يبقى الاجتهاد القضائي من ضرورات الحياة القانونية فهو الذي يبعث الروح في القاعدة القانونية ويكفل لها استمراريتها، وليحقق الاجتهاد القضائي الغاية المرجوة منه لابد أن يتوفر له حد أدنى من الاستقرار لأن عدم استقراره قد يعصف بالأمن القانوني ولا سيما في مجال القوانين المالية والاقتصادية 
لذلك يقر بعض الفقه على أن الاجتهادات القضائية غير مستقرة ويصعب العلم بها، كما أن سريانها بأثر رجعي يفقد الملزم الايمان بالشرعية والعدالة، الا أن ربط الأمن القانوني بالاجتهاد القضائي مجرد استنتاج نظري وتخوف مبالغ فيه، لأن المشكلة الرئيسية تكمن في مدى تقدير القاضي لأثار اجتهاده على الماضي والمستقبل 
لذلك يمكن القول ان مبدأ الأمن القانوني يقضي عدم مفاجأة الأطراف بقواعد من شأنها أن تسري بأثر رجعي، وفي نفس الوقت يهدف الى جعل القانون يساير تطور حاجات الأفراد، وهذه الخاصية المزدوجة للأمن القانوني هي التي تجعل منه مبدأ فعالا يحمي حقوق الافراد وكذلك مصالح الملزمين.

خاتمة:

لقد أفصح موضوع عدم رجعية القوانين الضريبية كأحد المبادئ التي نص عليها الدستور صراحة، حال بقية المبادئ التي تحكم القانون الضريبي كمبدأ قانونية الضريبة والمساواة أمام الضريبة.
غير أن مبدأ عدم رجعية القوانين يتم الخروج عليه في المادة الضريبية، وذلك بالنظر إلى الآثار الخطيرة التي يحدثها انسحاب القانون الضريبي على الماضي في محيط العلاقات القانونية، وما يلابسها بوجه خاص من إخلال بالاستقرار وإصدار للثقة المشروعة في التعامل والمساس بالحقوق المكتسبة. لاسيما وأن المكلفين يتصرفون بدخولهم وأموالهم، وفق القواعد القانونية الماثلة أمامهم ولم يرد في خلدهم ان هذه التصرفات سوف تخضع في المستقبل لقواعد قانونية صدرت لاحقة عليها.
 وبقي أن نشير أخيرا إلى ضرورة التأكيد بنصوص صريحة وواضحة على عدم دستورية النصوص الضريبية المطبقة بأثر رجعي ولو كان ذلك من شأنه تحقيق المصلحة العامة، أما إذا كان النص الضريبي سيطبق بأثر رجعي عندما تقتضي المصلحة العامة ذلك، فوجب على المشرع تحديد نوع وطبيعة المصلحة التي من شأنها تبرير رجعية النص الضريبي.
لائحة المراجع

 مريم الخمليشي الحماية القضائية للملزم في المنازعات الجبائية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام الإداري والعلوم الإدارية.
 عبير عمير، الأثر الرجعي في المادة الضريبية ، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، سنة 2017-2018
 محمد أمين قرواش، رقابة الفضاء الدستوري على القوانين بالمغرب "قوانين المالية نموذجا" رسالة لنيل شهادة الماستر، كلية الحقوق المحمدية، السنة الجامعية 2014/2015، 
زهير نعيم، مقال تحت عنوان "الزمن والقانون الضريبي".
 خالد الشرقاوي السموني، المجلس الدستوري وقانون المالية لسنة 2002، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 42 يناير-فبراير 2002.
محمد الخلاف النظام الضريبي مقال منشور في   مجلة دي قار العدد 6 سنة 2006 
لحبيب العطشان، القضاء الضريبي والاكراهات الملزمة لحماية الملزم مقال منشور مجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية عدد مزدوج84 85 يناير ابريل  2009،.
سهيلة بلال " رجعية القانون الضريبي في ضوء الاجتهاد القضائي- الدستوري والإداري" مقال منشور في الموقع الالكتروني:
 www.droit etentreprise.com 
عبد المجيد غميجة، مبدأ الأمن القانوني وضرورة الأمن القضائي، عرض مقدم في إطار الندوة المنظمة من طرف الودادية الحسنية للقضاة بمناسبة المؤتمر الثالث عشر للمجموعة الأوروبية لقضاة الاتحاد العالمي للقضاة، الدار البيضاء 28 مارس 2008، ص 8.9.
مصطفى بن شريف الأمن القانوني والأمن القضائي، مقال منشور على الموقع الالكتروني
 http://droitagadir.blogspot.com/2016/01/blog-post_79.html 

عبد الكريم صبري، سكينة صنهاجي، حدود العمل القضائي في المادة الضريبية، مقال منشور على الموقع الالكتروني، 
https://www.maroclaw.com/%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%B1%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A9/، 
عبد الرحمان اللمتوني، الاجتهاد القضائي والأمن القانوني، مجلة الملحق القضائي، العدد 46-ماي 2014
مبدأ عدم رجعية القوانين ، منشور في الموقع الالكتروني
www.//elawpedia .com/vieu/
- ABDELLAR Boudahrain : le contentieux fiscal. EDEMAT Casablanca.1984..

تعليقات

التنقل السريع