القائمة الرئيسية

الصفحات


اختراعات العمال

أصبحت الاختراعات تكتسي أهمية بالغة داخل المقاولة، بحيث كلما حصلت هذه الأخيرة على براءات اختراع جديدة إلا وازدادت قوة ومناعة، ومن تم قدرة على الصراع مع المتنافسين، ولأجل بلوغ هذه الأهداف فإن هناك مجموعة من المقاولات ومراكز البحث تشغل مهندسين وتقنيين وباحتين من تخصصات ومستويات مختلفة يشتغلون على تطوير منتجات وتقنيات وطرق صناعية اما لفائدة المقاولة نفسها أو تنفيذا لعقود بحث تجمع المقاولة أو مركز البحث بالغير .
وبما أن واقع الإختراعات هو أنها توضع حاليا في اطار عقود شغل وفي إطار مقاولات، فإنه كثيرا ما يطرح إكراه قانوني مرتبط بإسناد الحق على البراءة وخصوصية العلاقة التي تجمع أطراف عقد الشغل وكيفية تحقيق التوازن بين الطرفين الأجير ورب العمل، خاصة أن هناك اختراعات يتوصل إليها الأجير تنفيذا لمهام مسندة إليه، وهناك اختراعات يحققها الأجير خارج العمل أو بمناسبة قيامه بعمله ودون أن يكون تحقيقها يرتبط بالمهام المسندة إليه.
وفي هذا الإطار يقصد بالاختراع كل عمل فكري يقود لإنجاز إبداعي في مجال تقني .
أما المقصود بالعامل فإن المشرع المغربي استعمل مصطلح الأجير وعرفه في المادة 6 من مدونة الشغل بأنه يعد أجيرا كل شخص التزم ببدل نشاطه المهني، تحت تبعية مشغل واحد أو عدة مشغلين، لقاء أجر أيا كان نوعه، وطريقة أدائه. 
ويقصد باختراعات العمال، قيام العامل تحت تبعية رب العمل، بالتوصل لاختراع عن طريق استخدام فكره وإبداعه، لتجاوز اكراه تقني تواجهه المقاولة، وتجسيده العملي في منتوج أو طريقة صناعية قابلة للتطبيق الصناعي .
تجدر الاشارة إلى  أن هذه الإختراعات لم تكن تخضع لأي مقتضى قانوني خاص يبين حدود حقوق والتزامات رب العمل والعامل المخترع  في ضل ظهير 23 يونيو 1916  ، مما كان يترتب على  ذلك وجوب الاحتكام لقواعد العامة التي تغالي في حماية المشغل بمنحه الحق الكامل في الاختراع أو إقرار الملكية المشتركة بين الأجير والمشغل خاصة في الإختراعات خارج المهام ، ومع صدور القانون رقم 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية أصبحت هذه العلاقة منظمة بموجب المادة 18 التي لم يلحقها أي تغيير بالرغم من التعديلات التي عرفها هذا القانون بموجب القانون رقم 05.31 والقانون 23.13.
هكذا إذن نظم المشرع المغربي اختراعات العمال في المادة 18 من قانون حماية الملكية الصناعية التي تقابل المادة L611-7 من القانون الفرنسي لسنة 1978 المتعلق بمدونة الملكية الفكرية ، وكذلك المادة  19 من القانون رقم 17.97 بخصوص استرجاع ملكية الاختراع  والمادة 20 المتعلقة بالحق المعنوي للأجير  وغير ذلك من المواد ذات العلاقة .
      لا شك أن لموضوع اختراعات العمال أهمية بالغة سواء من الناحية النظرية أومن الناحية العملية، فمن الناحية النظرية تظهر أهميته من خلال الاهتمام التشريعي الذي حظي به وذلك بإيجاد منظومة قانونية للتعامل مع اختراعات العمال تصب في مصلحة المقاولة مع استحضار مصالح الأجراء لأجل تحفيزهم على الاختراع والتطوير التكنولوجي.
 أما من الناحية العملية فتكمن أهميته من خلال تشجيع وتحفيز العمال على الابتكار والإبداع وكذا تشجيع المقاولات على الاستثمار، وبالتالي تحقيق السياسات العمومية على مستوى الصناعة خاصة.
أمام هذه الأهمية التي يحظى بها هذا الموضوع يمكن طرح الإشكالية التالية: 
مدى قدرة أليات الملكية الصناعية على تحقيق التوازن طرفي اختراعات العمال الأجير والمشغل؟ 
هذه الإشكالية تتفرع عنها مجموعة من التساؤلات الجوهرية من قبيل:
ماهي أصناف اختراعات العمال؟
ثم ما حقوق والتزامات أطراف اختراعات العمال؟
ما هي أوجه القصور التي يعرفها النظام القانوني لاختراعات العمال؟
وكمحاولة للإجابة عن هذه الإشكالية المطروحة والتساؤلات الفرعية سنعمد إلى تناول الموضوع بالاعتماد على عدة مناهج أهمها المنهج التحليلي حيث سنحاول الوقوف على مقتضيات المادة 18 بشيء من التحليل، كما سنعتمد على المنهج المقارن من خلال إيراد بعض النصوص المقارنة التي تنظم الموضوع، ومقارنتها بالمادة 18 من ق ح م ص المغربي، والاعتماد كذلك على  المنهج الوصفي من خلال وصف واقع اختراع العمال بالمغرب ، وكل هذا سنحاول تناوله من خلال خطة البحث التالية  وذلك تماشيا مع  مقتضيات المادة 18 من أجل الإلمام بالموضوع :
المبحث الأول: مظاهر التوازن بين طرفي اختراعات العمال المنجزة بناء على مهام 
المبحث الأول: مظاهر التوازن بين طرفي اختراعات العمال المنجزة خارج المهام


اختراعات العمال



المبحث الأول :  مظاهر التوازن بين طرفي إختراعات العمال المنجزة بناء على مهام

تم تنظميم هذا المقتضى في البند الأول من المادة 18 من ق ح م ص م "تعتبر ملكا للمشغل الإختراعات التي حققها الأجير خلال تنفيذه إما لعقد عمل يتضمن مهمة إبداعية تطابق مهامه الفعلية وإما لدراسات وأحاث مسندة إليه بصريح العبارة . "وتحدد في الإتفاقيات الجماعية وعقود الشغل الفردية التي يستفيد ضمنها الأجير صاحب الاختراع من أجرة إضافية "
فهنا المشرع حاول التوفيق بين مصالح كل من المشغل والأجير حيث عمل المشرع على منح سند الملكية للمشغل (المطلب الأول ) لكنه في المقابل مكن الأجير من أجرة إضافية كمقابل مادي على ما توصل إليه(المطلب الثاني).

المطلب الأول: منح المشغل سند براءة الإختراع 

إن تكليف المشغل للأجير بالقيام بمهام البحث والإبداع وتمكين هذا الأخير من الوسائل والآليات اللازمة للإختراع جعل المشرع يعطي سند البراءة للمشغل (الفقرة الأولى) وجعله يستفيد من الآثار الناتجة عن تسليم براءة الإختراع(الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى : تملك المشغل لسند براءة الإختراع 

يعد تملك المشغل لسند براءة الإختراع في هذا الإطار نتيجة طبيعية لما ضحى من أجله ،لذلك ما على المشغل سوى التقدم إلى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية بطلب البراءة من خلال إيداع ملف طلب البراءة إما بنفسه أو من بواسطة وكيل لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية ، ويكون إيداع الطلب من قبل المشغل ممكنا إذا كان يملك مؤسسة صناعية أو تجارية بالمغرب ، أما في الحالة التي يكون فيها المنقر الاجتماعي للمقاولة خارج المغرب ، فإن إيداع طلب البراء يكون إجباريا عن طريق وكيل يعينه لهذا الغرض .
إلاأن المشغل قد لاينجح في إستصدار براءة الإختراع لعدة أسباب منها مثلا رفض الطلب من قبل المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية لإختلال أحد الشروط الشكلية أو الموضوعية من جدة ونشاط إبداعي وقابلية للتطبيق الصناعي أو مخالفة الأختراع للنظام العام المغربي هذا فضلا عن التصريح ببطلان الاختراع لأحد الأسباب القانونية الواردة في المادة 85 من ق ح م ص كما وقع تعديله بموجب القانون رقم 23.13 كما قد يكون هناك شرط تعاقدي بين الاجير والمشغل يقضي إما بتسجيل البراءة في إسمهما معا أو تسجيلها في إسم الأجير دون المشغل مادام هناك إتفاق بين اطراف براءة الأختراع وهذا لا يتنافى مع مقتضيات المادة 18 من ق ح م ص حيث ينص المشرع في الفقرة الأولى منها على أنه إذا كلن المخترع أجيرا فإن الحق في سند الملكية الصناعية يحدد وفقا للقواعد التالية مالم  ينص على شرط تعاقدي أكثر فائدة بالنسبة لهذا الأجير، وبهذا لا يكون للمشغل في الإختراع أي حق  إلا أنه يجب إثبات ذلك أو نفيه من قبل من له مصلحة في ذلك ، والإثبات هنا يكون بجميع وسائل الإثبات ،قرار محكمة النقض الفرنسية  .
وحسب رأي أستاذنا فؤاد معلال فإن عباارة "ملك" الواردة في المادة 18 تعني امتلاك سلطة اتخاذ القرار بشأن الاختراع على مستوى أسلوب حمايته ،بحيث للمشغل وحده أن يقرر بقاء الاختراع في السر أو تقديم براءة بشأنه لفائدته ومن تم تملك سند الملكية الصناعية الذي قد يصدر عنه .
وتجدر الإشارة إلى أن تطبيق مقتضيات البند الأول من المادة 18 تستوجب التوصل إلى الإختراع خلال سريان مدة عقد العمل ، وهذا ما ذهبت إليه تقريبا جميع تشريعات الدول العربية  كالقانون اللبناني في المادة السادسة من القانون رقم 240/2000  ، وكذلك القانون الجزائري في المادة 17 فقرة أولى من أمر 07.03 المتعلق ببراء الاختراع الجزائري  .

الفقرة الثانية: الآثار المترتبة عن منح المشغل سند براء الإختراع 

إن تخويل المشغل الحق في إستصدار البراءة في هذا الإطار يجعل جميع الحقوق والإلتزامات الناشئة عن براءة الإختراع تنتقل إليه كالحق في ملكية البراءة وحق إقامة دعوى حماية الإختراع  وإلتزام دفع الرسوم السنوية ... وبذلك يصبح هو المالك لبراءة الإختراع ، ويكون له الحق في استغلالها إستئثاريا عن طريق إستغلالها في الإنتاج أو إنتاجها وتسويقها، وله الحق في التصرف فيها ببيعها أو رهنها أو الترخيص باستغلالها  وعن وفاة المشغل تنتقل تلك الحقوق لخلفه العام.
إلا أن الحق المعنوي يبقى من حق الأجير وحده كما هو مجمع عليه من قبل الفقه وبعض التشريعات ، وأكدت عليه إتفاقية باريس في التعديل الذي وقع عليها سنة 1934 والتي تضمن ضرورة الإشارة على اسم المخترع على إختراعه باعتباره حقا معنويا يجب عدم التفريط فيه أو تجاهله   وقد نصت على هذا المقتضى مجموعة من التشريعات كالنمسا والدنمرك وإسبانيا و الو م أ ومصر... 

المطلب الثاني : منح الأجير أجرة إضافية كتعويض عما توصل إليه من إختراع 

في إطار هذا المبحث سنتطرق للأحكام العامة للأجرة الأضافية(الفقرة الأول) ثم بعد ذلك سنبحث في طرق تحديدها (الفقرة الثاني )

الفقرة الأولى : الأحكام العامة للأجرة الأضافية  

هذه الأجرة التي نص عليها المشرع في إطار البند الأول من المادة 18 من ق ح م ص م ، لم يتم تحديد سوى المعالم الكبرى المتعلق بها ، لذلك سنحاول البحث عن مدى إلزامية هذه الأجرة (أولا) ثم نحدد النظام الجبائي الذي تخضع له وكذا مدة تقادمها (ثانيا)
أولا : مدى إلزامية الأجرة الإضافية في القانون المغربي 
بالرجوع إلى المادة 18 نجدها تنص في الفقرة التي تلي البند (أ) على عبارة التي يمكن أن يتقاضاها فهنا إذا لم يتم تحديد هذه الأجرة بشكل إستباقي في إطار عقود الشغل الجماعية وكذا الفردية فإن الأجير لا يستفيد منها لغياب ما يلزم المشغل بذلك في النص القانوني كما أن نص المشرع على وجوب تحديد شروط الإستفادة منها يؤكد عدم إلزاميتها  فحال هذه العبارة يوحي بأنه في حال عدم تحديد الشروط الإستفادة فلا حق للأجير في الأجرة الإضافية ،وفي هذا ظلم كبير للأجراء المخترعين بالمغرب .
 وتعد هذه ثغرة قانونية  كان يعاني منها حتى المشرع الفرنسي قبل أن يتدخل بتعديل المادة L611-7 بموجب قانون26نونبر 1990  فأصبحت العبارة هي "يستفيد" عوض عبارة "يمكن أن يستفيد" التي لا يزال المشرع المغربي متشبثا بها ، لذلك نشير على المشرع المغربي أن لا ينصاع للوبيات الاقتصاد وأن يحاول في أقرب وقت ممكن أن يعدل المادة 18 . إلا أن وجود الأجير المخترع في مثل هذه الوضعي لا يمنعه من اللجوء إلى المحكمة التجارية لطلب الإستفادة من الأجرة الإضافية رغم أي شرط مخالف .
ثانيا : تقادم الأجرة الإضافية ونظامها الضريبي
بقراءة ق ح م ص نجده لم يتطرق لهذا الأمر ، إلا أنه مادام أن المشرع إعتبرها أجرا إضافيا فإنه يمكن الإستناد على مقتضيات مدونة الشغل   لتجاوز النقص الذي يشوب النص  ، وفي هذا الإطار نجد المادة 395 من م ش م تنص على أنه "تتقادم بمرور سنتين كل الحقوق الناتجة عن عقود الشغل الفردية وعن عقود التدريب من أجل الإدماج المهني والخلافات الفردية التي لها علاقة بهذه العقود أيا كانت طبيعة هذه الحقوق سواء نابعة عن تنفيذ العقود أو عن إنهائها ".
هذا ويطرح إشكال آخر ألا وهو تاريخ بدأ إحتساب مدة التقادم هل من تاريخ توصل العامل إلى الإختراع أم من تاريخ تحديد الأجرة خاصة وأن رب العمل قد يعمد إلى إستغلال الإختراع سرا دون تقييده كما ذكر ذلك أستاذنا في مؤلفه المشار إليه أعلاه ، هنا قضت المحكمة الابتدائية بباريس بتاريخ 5 أبريل 2006 بأن بدأ سريان مدة التقادم تكون من تاريخ تحديد الأجرة الإضافية .
بالنسبة للنظام الضريبي الذي تخضع له الأجرة الإضافية ، فإنها مادامت تخضع لمقتضيات مدونة الشغل فالمنطق يفرض خضوعها للضريبة على الدخل وذلك من تاريخ البدأ في إستخلاصها . 

الفقرة الثانية : طرق إحتساب الأجرة الإضافية 

نص المشرع المغربي في البند الأول من المادة 18،على تحديد شروط الإستفادة من الأجرة الإضافية ضمن الإتفاقيات الجماعية وعقود الشغل الفردية ، والسبب في ذلك هوأن المشرع لم يحدد معايير إستفادة الأجير منها،إلا أنه إذا لم يقع تحديدها تحديد شروط الإستفادة منها فإن المشرع نص على إمكانية اللجوء إلى المحكمة التجارية لحل النزاع الذي يمكن أن يحدث وهذا مانصت عليه الفقرة الثانيةمن البند الأول من المادة 18 . 
وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى ان القضاء الفرنسي قد تدخل لكسر صمت المشرع في هذا الباب من خلال قرار لمحكمة النقض الفرنسية والصادر بتاريخ 25 نونبر 2000 حيث إعتبرت بأنه لم يرد في أي نص قانوني أو عرفي أن إحتساب الأجر الإضافي يقوم على أساس الجرة ، وقد حددت معايير الأجر الإضافي في الإطار العام للبحث والصعوبات التي إعترضت الأجيرالمخترع ومساهمته الشخصية  وكذا الأهمية الاقتصادية للإختراع .





المبحث الثاني: مظاهر التوازن طرافي اختراعات العمال المنجزة خارج المهام

ميز المشرع بالنسبة لاختراعات المنجزة خارج المهام بين الاختراعات التي ينجزها الاجير من دون أي اتصال بعمله والتي لا يمكن إلحاقها برب العمل، ولنسميها بالاختراعات الحرة وبين تلك التي ينجزها الاجير أثناء قيامه بعمله أو يعتمد في إنجازها على ما وفرته له المنشأة من وسائل ومعارف والتي يمكن إلحاقها برب العمل ولنسميها اختراعات بمناسبة العمل  ، وهذا ما سنحاول أن نعرض له من خلال  التطرق للاختراعات بمناسبة العمل في (المطلب الأول) على أن نتعرض للاختراعات الحرة في (المطلب الثاني).

المطلب الأول : اختراعات العمال بمناسبة العمل

يقصد بالاختراعات بمناسبة العمل : الاختراعات التي ينجزها الاجير من تلقاء نفسه و من دون تعليمات من رب العمل ، إما أثناء قيامه بمهامه ، واما في اطار نشاط المنشأة ، أو بعرفة أو استعمال تقنيات أو وسائل خاصة بالمنشأة ، أو بفضل معطيات وفرتها له  . 
و سعيا من المشرع الى تحقيق نوع التوازن بين الاجير والمشغل في هذا الصنف من الاختراعات عمد إلى منح المشغل الحق في الاختراع أو الانتفاع به (المطلب الأول) وفي مقابل ذلك منح الأجير الحق في الثمن العادل (الفقرة الثانية) .

الفقرة الأولى : حق المشغل في الاختراع أو الانتفاع به

حدد المشرع للمشغل مسطرة خاصة يمكنه من خلالها ممارسة حقه في تملك الاختراع أو الانتفاع به ، بحيث أنه في الحالة التي يتوصل فيها الاجير إلى  اختراع له صلة بأغراض المنشأة التي يعمل بها ، يتعين عليه أي الاجير في حالة عدم وجود شرط تعاقدي يحقق فائدة أكثر له أن يخبر مشغله بشكل اني عن توصله لاختراع وذلك بواسطة تصريح مكتوب يوجهه إليه في رسالة مضمونة مع الاشعار بالتسلم ، وفي حالة تعدد الأجراء المخترعين فإنه يقدم تصريح مشترك من قبلهم جميعا أو من قبل بعضهم فقط .
ويجب أن يتضمن التصريح مجموعة من البينات الإلزامية وذلك طبقا لما نصت عليه المادة 43 من المرسوم التطبيقي  المتعلق بتنفيذ قانون حماية الملكية الصناعية والتي تتمثل في ما يلي :
موضوع الاختراع وكذا التطبيقات المزمع إنجازها 
ظروف انجاز الاختراع ولاسيما التوجيهات والتعليمات التي تم تلقيها وخبرات وأشغال المقاولة المستعملة والمساعدات المحصل عليها.
هوية المخترع أو المخترعين في حالة تعددهم وصفاتهم ومهامهم 
ويجب أن يرفق التصريح بوصف الاختراع على أن يبرز هذا الوصف ما يلي :
المشكل الذي واجه الاجير مع الاخذ بعين الاعتبار الحالة التقنية السابقة
الحل الذي أتى به لمواجهة المشكل المذكور 
نموذج واحد على الأقل لإنجاز يكون مشفوعا بالرسوم
ويمنح المشغل أجل ستة أشهر من تاريخ تسلم التصريح المذكور قصد السعي للحصول على الانتفاع بمجموع أو بعض الحقوق المرتبطة بالاختراع أو تملكها  عن طريق إيداع طلب لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية ، وفي حالة عدم القيام بهذا الطلب خلال الأجل المحدد ينسب هذا الاختراع بقوة القانون للأجير .
وتجدر الإشارة إلى أن أجل ستة أشهر لا يبدأ في السريان إلا من وقت إعلام المشغل بإنجاز الاختراع  .
كل هذا من شأنه التوفيق بين مصلحة المشغل حتى لا يؤدي الى احتكار الاجير استغلال اختراعه ماليا أو تنازله عنه للغير أي الى منافسي المشغل، وبين مصلحة الأجير المخترع حيث اشترط أن لا يكون شراء البراءة واستغلالها من طرف المشغل ، إلا بمقابل يدفعه للأجير .

الفقرة الثانية : حق الاجير في الثمن العادل

سعيا من المشرع الى تحقيق نوع من التوازن بين الحقوق خول للأجير الحق في الثمن العادل مقابل منح المشغل الحق في الاختراع أو الانتفاع به، حيث نص في المادة 18 من قانون رقم  17.97 في الفقرة الثانية على أنه ’ يجب أن ينال الأجير من ذلك ثمنا عادلا تتولى المحكمة تحديده إذا لم يحصل في شأنه اتفاق بين الطرفين ، وتراعي جميع العناصر التي يمكن أن يقدمها إليه بوجه خاص للمشغل والاجير قصد تحديد الثمن العادل باعتبار المساهمات الأولية المقدمة من كلا الطرفين ورعيا لما يعود به الاختراع من منفعة صناعية وتجارية ’
من خلال هذه المقتضيات يتبين أن المشرع المغربي أعطى معايير لتحديد الثمن العادل هو ذلك المقابل المادي الدي يدفعه المشغل للأجير عن حقوق الاختراع ، ويتم تحديد قيمته إما باتفاق بين الأطراف أو من طرف المحكمة في حالة اختلافهما بشأنه ، اعتمادا على المساهمات الأولية للطرفين معا ، أي مدى مساهمة الأجير في خلق الاختراع ومشاركة المقاولة بتزويد الأجير بكل الوسائل والتقنيات والمعطيات الضرورية لتحقيق الاختراع ، والمنفعة الاقتصادية والتجارية للاختراع أي العائدات المرجوة من الاستغلال الصناعي والتجاري لهذا الاختراع .
ويخضع الثمن العادل لنظام جبائي معين كما (أولا ) كما يخضع للتقادم (ثانيا ).
أولا : النظام الجبائي المطبق على الثمن العادل 
اذا كانت الأجرة الإضافية تعتبر جزء ا من الأجر وتخضع لنفس الأحكام المطبقة عليه من حيث النظام الجبائي ، فإن الثمن العادل على العكس من ذلك لا يدخل في مفهوم الأجر ، وبالتالي فإنه يخضع للنظام الجبائي للأرباح غير التجارية ، لان عملية التفويت التي يقوم بها العامل ليست نشاطا تجاريا ، حتى يتم تضريبه ضمن صنف الأرباح غير التجارية  .
ثانيا : التقادم المطبق على الثمن العادل 
أمام الصمت التشريعي عن التقادم الدي يخضع له الثمن العادل  فإنه يتم الرجوع إلى القواعد العامة وذلك بتطبيق التقادم الوارد في الفصل 387 من قانون الالتزامات والعقود المغربي والذي جاء فيه ’ كل الدعاوى الناشئة عن الالتزام تتقادم بخمسة عشر سنة فيما عذا الاستثناءات التي يقضي بها القانون في حالات خاصة ’.
وبالنسبة لبداية سريان التقادم فإنه يتم الرجوع في ذلك إلى أحكام الصل  380 من قانون الالتزامات والعقود والدي جاء فيه : ...لا يسري التقادم بالنسبة للحقوق إلا من يوم اكتسابها .
وتجدر الإشارة إلى أنه يكتسب الأجير حق المطالبة بالتمن العادل من تاريخ ممارسة المشغل لحق الانتفاع أو تملك الاختراع المنجز بمناسبة العمل ، فحق العامل في هذه الحالة معلق على شرط واقف قد يتحقق وقد لا يتحقق ، لذك لا يبدأ سريان التقادم إلا من تاريخ ممارسة المشغل لحق الانتفاع أو تملك الاختراع  .

المطلب الثاني : اختراعات العمال الحرة

إن المشرع المغربي منح للأجير المخترع في اطار الاختراعات الحرة حقا مطلقا على هذا الاختراع (الفقرة الثانية ) وذلك نظرا للمميزات التي يختص بها (الفقرة الأولى ).

الفقرة الأولى: مميزات الاختراعات الحرة 

الاختراعات الحرة هي تلك الاختراعات التي  لا تدخل في أي من الصنفين السابقين وإنما هي اختراعات يتوصل إليها الأجير بمعزل عن علاقة الشغل التي تربطه بالمشغل ، وقد أشار المشرع إلى هذا النوع من الاختراعات في المادة 18 حينما قال  ’ تعتبر جميع الاختراعات الأخرى ملكا للأجير.
ويكون الاختراع من الاختراعات الحرة متى توفرت فيه الشروط التالية :
ا – أن يكون الاختراع تحكمت في إنجازه المبادرة الحرة ، البعيدة عن أي اشراف أو توجيه أو تكليف من رب العمل ، بحيث يكون التنفيذ المادي للفكرة المتعلقة بالاختراع بطريقة مستقلة ، بالإضافة إلى خروجه عن نطاق عقد الشغل . 
ب – أن ينجز الاختراع الحر بعيدا عن النشاط الذي تمارسه المقاولة  وبالتالي هذا لا يضر المشغل في شيء على اعتبار أنه لا يعد منافسة عير مشروعة من طرف العامل، ومعناه أنه لا مبرر لحرمانه منه مادام لا يشكل أي خطر تنافسي على المنشأة وسواء تم استغلال الاختراع من طرف العامل نفسه أو عن طريق التحاقه بمقاولة أخرى .
ج – أن تكون الوسائل الموظفة في الاختراع الحر سواء المادية منها أو المعنوية إما غير مملوكة للمنشأة أو هي وسائل عامة وشائعة يسهل الحصول عليها ، وبالتالي لا تدخل ضمن الوسائل الخاصة والحصرية المملوكة للمنشأة .

الفقرة الثانية : منح الاجير حق مطلق على الاختراع الحر

إن الاجير يتوصل إلى الاختراع الحر بصورة مستقلة ومنقطعة الصلة عن عقد الشغل ، وهذا ما يجعل معه منطقا وعقلا منح ملكية الاختراع للأجير حق خالص له ، وحتى وإن بدا أن ما توصل اليه الأجير من اختراع ما كان ليتحقق لولا الخبرة التي اكتسبها لدى المشغل ، فلا يثبت للمشغل أي حقوق بشأنه ،  لأنه نتاج مجهود فكري ودعم مدي مستقل عن أي تبعية للمشغل أو للمنشأة بصفة عامة.
ويجب الانتباه إلى أنه تضمن عقد الشغل لشرط يمنح بموجبه المشغل الحق في ما يتوصل إليه الأجير من اختراعات حرة ، يعتبر كأن لم يكن   ، والسند في ذلك المادة 18 حينما قال  المشرع ’ تعتبر جميع الاختراعات الأخرى ملكا للأجير ’ . وللأجير الحرية في حماية اختراعه بالطرقة التي يشاء سواء عن طريق استصدار سند البراءة أو بإبقائه سرا .
كما أن للأجير أن يتصرف في الاختراع على النحو الدي يراه ملائما سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة كمنح رخص اختيارية للغير .
ويبقى للمشغل إمكانية اثبات أن الاختراع ليس اختراعا حرا بل له صلة بعقد الشغل المبرم بينه وبين الأجير أي أن الاختراع أنجز بناء عل مهام .





خاتمة :
صفوة القول إن المشرع كان موفقا نوعا ما حينما حاول ضبط التوازن بين مصالح كل من الأجير والمشغل ومنح تقابل بين حقوق كل منهما ، غير أن هذا لا يخلو من ملاحظات أبرزها :
أنه كان المشرع وضع معيارين لاحتساب التمن العادل فإن ذلك يكتنفه  بعض الغموض.
غياب تنظيم واضح للتقادم الدي يخضع له الثمن العادل ، لا سواء من حيث تحديد المدة  وال من حيث بداية سريانها .
لذلك يجب على المشرع المغربي وضع نظام قانوني واضح يحدد معايير دقيقة في تحديدي الأجرة والثمن العادل بشكل يحمي الاجير من المركز القوي للمشغل .









لائحة المراجع :
الكتب :
  فؤاد معلال . الملكية الصناعية والتجارية (دراسة في القانون المغربي والإتفاقيات الدولية )،  الطبعة الأولى 2019 ، منشورات مركز قانون الإلتزامات والعقود ، كلية الحقوق بفاس
  محمد الفروجي ، الملكية الصناعية والتجارية ،تطبيقاتها  ودعاواها المدنية والجنائية ،الطبعة الأولى 2002
الرسائل:
  محمد هدهود :إختراعات العمال ،رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص ، كلية العلوم القانونية والإقتصادية و الإجتماعية ،جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاسالسنة الجامعية2013/2014
المقالات:
  علي دني وبولنوار بلي ، الحقوق والإلتزامات الناشئة عن اختراعات العمال مجلة الدراسات القانونية والسياسية – العدد 04 جوان 2016.
  مليكة العراسي  اختراعات الأجراء والملكية الصناعية ، مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية ، عدد 2013/03،
  أسامة هشام ، إختراعات العمال ،مجلة قانونك ، دراسات وأبحاث باللغة العربية  العدد الثاني – السنة الأولى 1438ه أبريل /يونيو ، ،2017.
  هدهود محمد ’ اختراعات العمال ، المجلة المغربية للقانون الاقتصادي ،، عدد مزدوج 7و8 سنة 2016.
النصوص القانونية:
  القانون رقم17.97المتعلق بحماية الملكية الصناعية
  ظهير شريف رقم 1.03.194 الصادر في 14 رجب 1424 (11 شتنبر 2003) بتنفيذ القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل ، الجريدة الرسميةعدد 5167بتاريخ 8 دجنبر 2003
  المرسوم رقم 2.00.368 الصادر بتاريخ 18 ربيع الأول 1425 الموافق ل 7 يونيو 2004، بتنفيذ القانون رقم 17.97 المتعلقة بالملكية الملكية الصناعية الذي تم تغييره وتتميمه بالمرسوم رقم 2.14.316

















تعليقات

التنقل السريع